تأثير الحضارة السورية على حضارات الأمم الأخرى

لقد أثرت حضارة بلاد وادي الرافدين على حضارات الأمم القديمة بشكل كبير حيث تركت أثرا واضحا في مجالات عديدة منها الأدب واللغة والرياضيات والفلك والمعتقدات الدينية وفنون العمارة.

ففي مجال الأدب لم تقتصر تأثيره مصر بل امتدت للأدب اليوناني فكان الحيثيين يشكلون الجسر بين بلاد وادي الرافدين وبين اليونان، مما ساعد على انتقال كثير من المفاهيم البابلية في حقل الأدب والعلوم إلى بلاد اليونان فنلاحظ إن هناك اقتباسات من ملحمة جلجامش في الإلياذة والأوديسة وكذلك وجود بطولات كثيرة عن هرقل في الأدب اليوناني لها ما يشابهها في بطولات جلجامش.

أما في حقل اللغة ومفرداتها نجد أن هناك عددا من الكلمات الأكادية قد دخلت إلى بعض اللغات الأوربية عن طريق اللغة اليونانية، فمثلاً كلمة (Cane-Canon ) باللغة الإنكليزية تقابلها بالأصل البابلي (ganu -قانون)، وإلى جانب ذلك فقد تبين إن كثير من المفردات في اللغة العربية التي أرجعها اللغويون إلى اصل أعجمي واعتبروها من الدخيل هي في الواقع تعود إلى اصل بابلي أو سومري، على سبيل المثال (ارجوان) اصلها البابليArgamanu).ونذهب في مسيرة لنصل إلى تلك المتعلقة بالمعتقدات الدينية التموزية التي تعدت حدود الأراضي السورية لتصل إلى بلاد اليونان إذ إنها تركت أثرا واضحا في قصة أدون وعشتار الذي اسماهم اليونانيين أدونيس وافروديت فنجد إن أدون هو الأخر وعلى غرار الإله تموز يموت نصف عام لينبعث مجدداً في النصف الأخر، كما سرق العبرانيين كثيراً من معتقداتهم من الحضارة السورية كما يظهر ذلك جلياً في عدة إسفار من التوراة، إذ اصبح واضحاً بفضل الدراسات المسمارية في حقل السومريات والآشوريات. أن هناك تأثيرات سومرية -بابلية في سفرا التكوين تتعلق بخلق الكون والإنسان وحدوث الطوفان العظيم وقصة خروج آدم من الجنة. لقد انتقلت أيضا إلى بلاد اليونان كثير من المفاهيم في حقل العلوم وخاصة الرياضيات والفلك فاقتبسوا كثير من فنونها وآدابها وعلومها وعلى وجه الخصوص إلى الأقاليم الغربية. ومما أثبتته النصوص الرياضية إن البابليين توصلوا إلى معرفة الدستور الهندسي المعروف بنظرية فيثاغورس، أما في حقل الجبر فقد قطع البابليون مرحلة كبيرة من التقدم عند بداية الآلف الثاني قبل الميلاد عندما توصلوا إلى معرفة معادلة الدرجة الثانية ومبدأ أعمال المربع ومبدأ الإرجاع إلى الوحدة. إن تقدم البابليين في مجال الرياضيات كان عاملاً مهما في تطوير معرفتهم في الفلك إذ انهم رصدوا الكواكب منذ عصر مبكر ربما في الآلف الثالث قبل الميلاد ودونوا ملاحظاتهم عنها خاصة كوكب الزهرة. فقد بلغ تقدم الفلكيين البابليين حداً بحيث استطاعوا التنبؤ بكسوف الشمس وخسوف القمر وتحديد طول الليل والنهار في فصول السنة المختلفة