منتدى زهر البيلسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى زهر البيلسان .... تعارف ، دردشة ، ثقافة ، رياضة ، تكنولوجيا .... منتدى زهر البيلسان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

منتدى زهر البيلسان      أهلاً وسهلاً بكم في منتدى زهر البيلسان ... تعارف ، دردشة ، ثقافة ، تسلية ، أدب ، رياضة ، فن ، تكنولوجيا  ... زهر البيلسان ... دعوة إلى صفاء الذهن والقلب        منتدى زهر البيلسان
هذا المنتدى برعاية مركز جنى للاتصالات ... سوريا - السلمية - 0944229458 - 0992275919 ..... مركز الماهر للكمبيوتر ... سوريا - السلمية ... 033840585 / 0988213006

زوروا منتدى الماهر للكمبيوتر والتقنيات صديق زهر البيلسان ... بالضغط هنا

 

للإعلان في منتدى زهر البيلسان الاتصال على الأرقام : 00963944229458 - 00963992275919

 

 قصة الخلق والعائله الاولى نبيل فياض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسماعيل
صديقي النشيط
اسماعيل


عدد المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 17/10/2009

قصة الخلق والعائله الاولى  نبيل فياض Empty
مُساهمةموضوع: قصة الخلق والعائله الاولى نبيل فياض   قصة الخلق والعائله الاولى  نبيل فياض Icon_minitimeالأحد مارس 14, 2010 4:47 am

ننتقل هنا للحديث عن خلق الإنسان الأول، والعائلة الأولى. إنّ قصة خلق آدم والعائلة البشريّة الأولى، المستمدّة أساساً من أساطير بلاد ما بين النهرين، هي أكثر حكايا اليهود ومن ثمّ القرآن الكريم إثارة لعلامات الاستفهام: كيف يمكن أن نبرّر حفظ الذاكرة البشريّة لقصة الخلق الأوّل، التي لا بدّ أن تكون حدثت قبل ملايين السنين، لينقطع من ثم خيط الذاكرة معاوداً الظهور قبل نحو من عشرة آلاف عام على أبعد تقدير؟ وإذا كان عمر البشريّة على الأرض يتجاوز ملايين السنين، كيف يمكن أن نفسّر أن يسمّي الإله المفترض مخلوقاته الأولى بلغة، العبريّة هنا، لم تر النور قبل بضعة آلاف من السنين؟ كيف يمكن أن نفسّر أيضاً التناقض الصارخ بين علوم الأنتروبولوجيا الحديثة، التي تحكي عن تطور في النوع البشري وصولاً للإنسان الحالي عبر ملايين السنين، واعتبار التلمود - مثلاً – أن عمر البشريّة هو ستة آلاف عام، غاضاً البصر بالكامل عن أي نوع من نشوء أو ارتقاء طال الجنس البشري؟


الميثة الثالثة عشرة : من أية مادة خُلِق آدم


لقد اعتقد القرآن، كالكتاب المقدّس، أنّ خلق الإنسان كان من التراب: (3: 52) (مد): «إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون»(1). قارن (11: 61) (3مك): [«هو أنشأكم من الأرض»]، حيث خُلِق الإنسان «من الأرض». أنظر أيضاً: (18: 37) (2مك): [«أكفرت بالذي خلقك من تراب»]؛ (30: 20) (3مك): [«خلقكم من تراب»]؛ (22: 5) (مد): [«إنا خلقناكم من تراب»]؛ (35: 11) (3مك): [«الله خلقكم من تراب»]؛ (40: 67) (3مك): [«هو الذي خلقكم من تراب»]. وفي اغلب الأحيان يظهر هذا التصوّر في الحقبة المكية الثالثة.

إنّ الجمع بين عيسى، قياساً إلى خلقه، وآدم، هو على الأرجح إفراز لرؤيا مسيحية، والتي كثيراً ما تقارن بين آدم والمسيح(2)، أو يمكن تفسيره عبر الموقف الجدلي القرآني، الذي رفض في مواقف عديدة أن يكون عيسى ابناً لله (2: 116) ومواضع أخرى، أو أن يكون هنالك وجود للثالوث على الإطلاق (4: 171) (مد)؛ (5: 73) (مد) ومواضع أخرى، أو أنّ ولادة المخلص كانت فوق طبيعية (4: 171).

لقد اعتُقد أنّ التراب هو ما جُبل منه آدم، (23: 12) (2مك): «من سلالة من طين». والإنسان، ككائن حي، مكوّن لذلك «من لا شيء»: (19: 67) (2مك): «خلقناه من قبل ولم يك شيئاً»(2).

تعلمنا (25: 54) (2مك) أن خلق الناس كان من الماء: «وهو الذي خلق من الماء بشراً». ولسنا متأكدين تماماً، إن القرآن كان يلمّح هنا إلى عملية التناسل الطبيعية، والتي يشار إليها في مواضع عديدة (22: 5) (مد): [«إنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة»]؛ (23: 12 ـ 13) (2مك)؛ 40: 67؛ (71: 14) (3مك)؛ (75: 37 ـ 38) (1مك)؛ (96: 2) (1مك)، حيث لا يُعطى الماء هنا، كما جرت العادة، تسمية أدق، مثلما ورد في (32:
(3مك): «من ماء مهين»، على سبيل المثال، أو: «خلق من ماء دافق» (86: (1مك)، فالآية السابقة (25: 54) تتحدّث عن المائين الأصليين، العذب والمالح. ويمكن أن نجد في الأساس منظومة غنوصية، حيث يُرَد كل خلق حيواني إلى الماء. كذلك فالقرآن يجعل الحيوانات (24: 45) (مد) وكل الكائنات الحية عموماً (21: 30) تأتي من الماء.


الميثة الرابعة عشرة: تكوين الإنسان الأول


الآية (32: 9) (3مك): «ثم سوّاه(3) ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، قليلاً ما تشكرون». قارن: (15: 29) (2مك): ؛ (38: 72) (2مك)؛ مشابهة أيضاً (82: 7 ـ (1مك): «الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركّبك». وفي (40: 64) (3مك)، أعطى الله الإنسان شكلاً حسناً: «صوّركم فأحسن صوركم». قارن: (7: 11) (3مك)؛ (64: 3) (مد).

يمكن أن نقارن مع تك (2: 7). كذلك يخبرنا أي (10: 8 ـ 10) عن تكوين الإنسان. قارن، أيضاً: سيرا (17: 1): [«خلق الرب الإنسان من الأرض وإليها أعاده»](4). أنظر أيضاً جامعة راباه لـ(2: 17):«يقول ح. اسحق بن ماريون: مكتوب: «جبل الربّ الإله الإنسان» (تك 2: 7)، لماذا يقال أيضاً: «الذي جبله» (تك 2:
؟ هذا يعني أن الله مكوِّن فنان، وهو يبدو وكأنه يتفاخر أمام عالمه ويقول: أنظر إلى خليقتي، التي خلقتها، وإلى الشكل، الذي جبلته». قارن: لاويون راباه (23: 1) وايضاً افرام السرياني(5): «... جبل بذاته جسد الإنسان بيديه هو ونفخ فيه نَفَساً وجعله يحكم في الجنة.. وأعطاه ثالثاً أيضاً اللغة، العقل والشعور الذين لكائن إلهي». وحده آدم، بعكس المخلوقات الأخرى، التي نشأت عبر كلمة الله (أبوت 5: 1 : :[«بأمرك خُلِق العالم»])، جُبل من قبل الله ذاته: :[«جزء من البشر الذي خلق بكلتا اليدين»] (أبوت ح. ناتان، النهاية؛ وكتوبوت 5 آ). من آباء الكنيسة يعلّم ذلك ثيوفيلوس(6) ، ومنهم أيضاً أفراهاط، في الترتيلة 11(7): «عبر كلمة الله كوّنت السماء، وحده آدم جبله بيديه»(Cool. آدم معروف أيضاً عند عدي بن زيد، الذي يحكي عنه بإسهاب(9). وهكذا فالتصوّر بأكمله يتقاطع مع مثيله عند اليهود والمسيحيين.

الميثة الخامسة عشرة: الشكل الأصلي الباهر لآدم


السورة (95: 4 ـ 6) (1مك): «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات(10) فلهم أجر(11) غير ممنون».

عند فيلو(12) كان آدم خليفة الله وقد مَلَك
lamqadion cai dunasteiaz الحكم والقوة والسلالة الملكية. ويقول المدراش، إن آدم قبل سقوطه كانت له فضائل جسدية وروحية خاصة، والتي أُخرِجت منه بعد الخطيئة التي اقترفها: أنظر: تكوين راباه (12: 5): « لماذا سقط (الحرف ص من كلمة êصـسصê ؟) يقول ح. يودان باسم ح. آبين: وفقاً للأشياء الستة الأولى، التي أخرجت من الإنسان الأول (بعد سقوطه في الخطيئة)، وهذه الأشياء هي: لمعانه، عمره الطويل، شكله الطويل، فاكهة الأرض (في الجنة)، فاكهة الشجر والأنوار... يقول ح. أباهو: في هذه الساعة صَغُر تكوين الإنسان وجعل طوله مئة ذراع (فقط)» قارن: تانحوما نوح وعدد راباه (13: 4). عن طول آدم الأصلي الهائل تتحدّث أيضاً تنحوما، تزرعيا؛ سانهدرين 38 ب؛ حاغيغاه 12 آ؛ تكوين راباه 19: 16؛ 21: 3؛ 24: 2؛ لاويون راباه 12: 2؛ وبسقتا ح. كاهانا، هاحوديش(13). ضرّتاه تشبهان كرتي شمس (باب بترا 58 آ). لكن بعد الخطيئة غيّر الله هيئته وطرده من الجنة (تكوين راباه 16: 1). كانت قوة البصر عند آدم تمتد من طرف العالم إلى طرفه الآخر، لكن بعد خطيئته أُخْرِجت منه واستودعت في المؤمنين الذين في الجنّة (تكوين راباه 12: 5). ويتبيّن من (خروج راباه 38: 2) أن آدم جُبل أصلاً كي يعيش إلى الأبد، أي أن لا يكون معرّضاً للموت.

أخذ الأدب المسيحي هذا التصوّر مثلاً. أفراهاط(14): «بسبب هذا اللمعان، الذي كانا مغطّيين (آدم وحواء) به، لم يكونا يخجلان من عريهما، حتى أُخِذ منهما، بعد أن تجاوزا المحرّم»(15). قارن أيضاً: «مغارة الكنز»(16): «وعندما رأت الملائكة منظره (آدم) العظيم، حرّكهم جمال وجهه، لأنهم رأوا شكل وجهه، وكأنه يشتعل في لمعان عظيم مشابه لكرة الشمس، ونور عينيه مثل الشمس وصورة جسده مثل ضوء الكريستال». أنظر أيضاً: افرام السرياني(17): «بعد أن انطفأ ذلك الجمال الباهر، الذي كان قد زُيِّن به، داهمته المعاناة، التي كان خالياً منها سابقاً»(18). ووفقاً «لحوارات المقدسين الثلاثة»(19)، وحده رأس آدم كان كبيراً، بحيث أنه يتخطى ثلاثين رجلاً. كان باستطاعة الرجل الأول قبل الوقوع في الخطيئة أن يرى حتى البعد الأبعد. أنظر أيضاً: «سفر آدم المسيحي»(20): «وقال الرب الإله لآدم: عندما كنت مطيعاً بخشوع، كانت طبيعة النور فيك، لذلك كنت ترى أبعد الأشياء؛ لكن بعدما أخرجت منك طبيعة النور، لن تستطيع بعد الآن أن ترى ما هو بعيد، بل القريب فقط». لقد أُخذت هذه العطايا من آدم بعد وقوعه في الخطيئة. عن شكل آدم وحواء الأصلي العظيم تتحدث إحدى أساطير الغنوص، وذلك كما قال ايريناوس(21):

«
Adam autem et Evam prius quidem habuisse levia et clara et velut spiritualia coropa, quemadmodum et plasmati sunt; venientes autem hue denutasse in obscurins, pringuius et prigius»

«امتلك آدم وحواء في البداية جسدين خفيفين، صافيين، وروحانيين تقريباً، حيث كانا (الجسدان) من تشكيل طري؛ لكن حالما سقطا صارا أكثر عينية، أقسى وأبطأ». لكن بحسب التقليد اليهودي احتُفظ بالعطايا المأخوذة من آدم للمؤمنين في الفردوس. قارن: تنحوما بريشيت، حيث ستعطى هذه المنح لكل إسرائيلي في الفردوس. عن النور الأصلي، الذي كان باستطاعة آدم أن يرى به من طرف العالم إلى طرفه الآخر، يتحدث تكوين راباه (12: 5): « لمَ غطّاه (الله)؟ لقد احتفظ به للصالحين في العالم الآتي». قارن: تنحوما شميني. وهكذا لم يكن مستحيلاً على الإطلاق، أن يُشَار في الفقرة الإضافية: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات»، إلى شيء مشابه. تصوّر عطايا آدم يمكن بالتالي أن يتقاطع مع مثيله عند اليهود أو المسيحيين. وإذا ما وضع المرء في اعتباره فعلاً، أن ذكر هذه العطية متعلّق بالقسم بشجرة الجنة، والذي هو، كما سيشار لاحقاً، مأخوذ على الأرجح من تصوّر مسيحي، يجب أن يُعرف بالتالي باحتمالية أن يكون المسيحيون السند في هذه المسألة.


الميثة السادسة عشرة: اختيار آدم

السورة (3: 33) (مد): «إن الله اصطفى(22) آدم ونوحاً وآل ابراهيم(23) وآل عمران (24) على العالمين ذرية بعضها من بعض».

الهاغاداه أيضاً تسمّي آدم الصالح الأول، والذي يعقبه نوح، ابراهيم، اسحق، موسى الخ. قارن: لاويون راباه (2:
: « مبارك الذي هو في كل مكان، والموجود دائماً، الذي يعتبر نفسه من بين المؤمنين الأوائل. لقد قدّم آدم ثيراناً كقربان على المذبح، لهذا يقال: فذلك أحب إلى الرب من الثيران(25) (مز 69: 32). لقد التزم نوح، بما هو مكتوب في التوراة، لذلك يقال: بنى نوح مذبحاً للرب (تك 8: 20). والتزم ابراهيم بالتوراة كلها، لذلك يقال: من أجل أن ابراهيم أصغى (تك 26: 5)، فهو قدّم قرباناً وقرّب كبشاً. اسحق. الخ. يعقوب الخ... الخ.. لذلك يحبّهم الله (هؤلاء الصالحين) حبّاً كاملاً». قارن: تكوين راباه (58: 4)؛ عدد راباه (20: 15)؛ جامعة راباه (7: 36)، وفي نشيد الإنشاد راباه (5: 4)، يؤلّف آدم، ابراهيم، موسى، الخ.. المزامير. أما بابا بترا (14 ب) فجعلت عشرة شعراء ـ آدم، ابراهيم، الخ ـ يؤلّفون المزامير. وسمّت سوكا (52ب) آدم أول «الرعاة»، الذين عليهم أن ينشطوا في الزمن المسياني. كذلك فإن «سفر اليوبيل»(26) يعرف سرداً مشابهاً. ابراهيم بارك يعقوب [!] بالكلمات التالية: «يعطيك الله تعالى، كل البركات التي أعطاني». يبدو آدم أيضاً كنبي. انظر: سدير عولام رباه (c. 21): « أوقع الرب الإله سباتاً عميقاً (على آدم) (تك 2: 21). أولئك هم الأنبياء، الذين ظهروا، قبل أن تُعطى توراة اسرائيل». وفي سنهدرين (38 ب)، وهو موضع من مواضع أخرى عديدة، يكشف الله لآدم المستقبل كله سلفاً. شيء مشابه لهذا نجده أيضاً عند كليمنس الاسكندري(27)، ترتوليانوس(28): «آدم.. يتنبأ» وافرام(29) السرياني(30). عند كليمنسرومان (الترتيلة III، 20، ص 67)(31)، يسمّى آدم النبي الحق، وهي تسمية تطلق عادة على يسوع. يعرف ترتليانوس(32) أيضاً، أن آدم كان نبياً(33). وفي أحد التصوّرات الغنوصية، يبدو الإنسان الأصلي وكأنه ذو وحي كامل(34). إن ذكر آدم بجانب عمران في القرآن، يتوافق مع رأي مسيحي انتشر في الشرق، يقول إن «آدم الأول وآدم الثاني» هما ممثّلان متكافئان للإنسانية(35).

إذن: إن تصوّر عبدة لله مختارين في القرآن يمكن أن يتقاطع مع مثيله عند اليهود والمسيحيين. لكن ما يوحي بتأثير مسيحي أقوى، هو الذكر الواضح للمسيح في سلسلة رسل الله المفضّلين ووصفه بأنه خَلَف العبيد المختارين السابقين.



الميثة السابعة عشرة: آدم يسمّي كل شيء

السورة (2: 30 ـ 33) (مد): «وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة(36)، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء(37) ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك(38)؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا(39) إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم(40) غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون».

إلى حكاية يهودية مشابهة يشير غايغر(41). لكنك تستطيع أن تجدها في مواضع كثيرة من الكتابات اليهودية. مع ذلك، فالأكثر توافقاً مع الصيغة القرآنية هي تلك الموجودة في عدد راباه (19: 3) : «ماذا كانت حكمته (آدم)؟ أنت تجد، أنه عندما أراد الله خلق الإنسان، استشار الملائكة الخدم. قال لهم: نريد أن نصنع إنساناً على صورتنا (تك 1: 26)! فقالوا له: ما الإنسان حتى تذكره؟ (مز 8: 5). فقال: الإنسان، الذي أريد أن أخلقه، أذكى منكم. ماذا فعل (الله)؟ جمع كل الحيوانات الأليفة وغير الأليفة وكل ما عنده أجنحة وجاء بهم أمامهم (الملائكة) ثم قال: ما أسماء هؤلاء، فلم يعرفوا ذلك. وما إن خلق الإنسان، حتى جاء بهم (الحيوانات) أمامه، وسأله: ما أسماء هؤلاء؟ فقال: هذا نسمّيه الثور، وهذا الأسد، وهذا الحصان، وهذا الحمار، وهذا الجمل، وهذا العقاب. لذلك يقال: هو أطلق عليها أسماءها (تك 2: 20). فقال له (الله) عندئذ: واسمك أنت؟ قال: آدم! ولماذا؟ لأني خلقت من أدمة الأرض. فقال له: وماذا سيكون اسمي؛ قال (آدم): الأزلي. ولماذا؟ لأنك رب كل الخلائق»(42). قارن: تنحوما حقات؛ جامعة راباه 3: 23؛ تكوين راباه 8: 4؛ 17: 5؛ سانهدرين 38 ب. ويبدو وكأن فيلو قد اشار إلى الحكاية(43): «يقول هكذا، إن الله قاد كلّ الحيوانات إلى آدم، لأنه أراد أن يعرف أية أسماء سيطلق على كل واحد منها، وليس لأنه كان يشك بأنه لا يعرفها ـ فلا شيء مجهول عند الله ـ بل هو يعرف، إنه جعل قوة التفكير في الإنسان بحركة مستقلة ذاتياً، كي لا يشترك في الشر. لقد امتحنه كما يمتحن أستاذ تلميذه، عن طريق إيقاظ النشاط في نفسه وجعله (النشاط) واحداً من وظائفه الضرورية، فيطلق الأسماء بقوته الذاتية، ليست غير صحيحة أو غير مناسبة، بل تلك (الأسماء)، التي تعبّر عن صفات الأشياء بشكل جيد جداً».

في «الشرع المقدس المجازي»(44)، يشير فيلو إلى أن موسى يُرجع ظهور الأسماء وبالتالي اللغة إلى الإنسان الأول، في حين يزعم الفلاسفة اليونان، أن الحكماء هم الذين أطلقوا الأسماء على الأشياء. وفي المصدر الذي يستخدمه فيلو كثيراً،
Cic. Tusc. I. § 62، يرجع فيثاغورث ظهور الكلام إلى أحدهم، وهو الإنسان الأكثر حكمة. قارن أيضاً: (Quaest. In Gen. I § 20 f). يفترض فيلو من ناحية، أن إطلاق الأسماء يحتاج إلى الحكمة العليا(45)، ومن ناحية أخرى كان آدم أحكم البشر.

يعتقد الملائكة، كما في القرآن وتنحوما بحوقوتاي أيضاً، أنه كان باستطاعتهم أن يحلّوا مكان الإنسان الذي لم يكن قد خلق بعد، عند الله. فعلى سؤال الله:«من سيعيش بحسب قوانيني، إذا أنا لن أخلق الإنسان؟» أجابوا: « نحن نراعي تعاليمك». كذلك فنحن نجد المقولة القرآنية، بأن آدم سمّى كل شيء (ليس فقط الحيوانات)، «الأسماء كلها»، في نص أقدم في «تنحوما شميني»: وهكذا (مثلما فعل مع الحيوانات) سمّى آدم كل شيء». في هذا الصدد، وقفت الملائكة، بحسب «المرقاه السامرية»(46)، شهوداً على خلق الإنسان. والحكاية(47) موجودة في صيغة أقصر بكثير في «مغارة الكنز»(48) أيضاً. ويعلّم الإيلكاسيون(49) ، أن آدم، الذي خلق بوصفه
pnema [«روحاً»]، يقف فوق الملائكة ويدعى المسيح. ويوضح مكاريوس المصري(50)، أن الإنسان أنبل من كل الملائكة قارن: ترتليانوس (II, Adv. Marcionem 8 (111, 84))(50). ورغم أن حكاية تسمية آدم للكائنات الحية لم تكن غير معروفة بالكامل في الدوائر المسيحية، وأن تصوّر الإنسان كمخترع للكلام موجود أيضاً في الكتابات الإغريقية، يبدو الأصل اليهودي هو الأكثر قرباً من النص القرآني. وعلى المرء أن يلاحظ التوافق شبه الكامل بين الحكاية القرآنية ومثيلتها في المدراش، إضافة إلى وجود تعابير، مثل «نحن نسبّح» قريبة جداً من مثيلاتها في الليتورجيا اليهودية.

الميثة الثامنة عشرة: السجود لآدم، سقوط الشيطان

السورة (15: 28 ـ 38) (2مك): «وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حما مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين، قال يا إبليس مالك الا تكون مع الساجدين. قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حما مسنون. قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين. قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين. إلى يوم الوقت المعلوم». تسمّي السورة (2: 34) الشيطان بالمستكبر. لكن الشيطان يبرر كبرياءه في (7: 12) بالكلمات التالية: «أنا خير منه (آدم) خلقتني من نار وخلقته من طين». وفي (18: 50)، يوصف ابليس بأنه من الجن(52). قارن أيضاً: (17: 61)؛ (38: 71 ـ 82).

لقد أثبت غايغر(53) أن الحكاية تطوير مسيحي للأسطورة المتعلقة بتعظيم عقل الإنسان الأول. عن الاحترام الذي أولته كل الكائنات الحية للإنسان الذي خلق في النهاية، يحكي فيلو(54) أيضاً: «لا بد أن يكون الإنسان آخر شيء مخلوق، حتى تشعر الكائنات الحية الأخرى بالخوف من ظهوره المفاجئ. عندما رأوا الإنسان، كان عليهم أن يندهشوا منه ويحترموه باعتباره القائد والسيّد الطبيعي. لذلك، حالما لمحوه، صاروا أيضاً أليفين جميعاً. كلّهم أيضاً، وهم الذين كانوا متوحشين جداً بطبيعتهم، صاروا عند النظرة الأولى مطيعين مباشرة وأظهر كل منهم رغبة شديدة بقتال الآخر، لكنهم نحو الإنسان وحده كانوا خانعين». لكن «حكمة سليمان» (3: 24) تحكي عن حسد ابليس(55)، الذي جاء بالموت إلى العالم. إن الحقيقة القائلة إنه لا وجود في المدراش لحديث عن السجود لآدم(56)، إضافة إلى اسم ابليس(57) وتبريره بأنه من جوهر أنبل(58)، تبرهن(59) أن تطوير الحكاية، الذي يحكي عن السجود لآدم، كان بتأثير مسيحي. ففي اليهودية يحكى أن الملائكة تشرف آدم بسبب حكمته وجماله(60)، لكن الله يمنع الملائكة من النظر إلى آدم كقديس(61)، فيأخذه في سبات عميق، كي يوضح عدم قدرته على عمل كل شيء(62). يمنع آدم المخلوقات أيضاً عن السجود له، ويطلب إليها، أن تسجد لله(63). لكن(64) يمكن دون شك أن الحكاية المسيحية عن سقوط الشيطان جاءت من الأسطورة(65) اليهودية المتعلقة بسقوط الملاك(66) .

إن أشهر عرض للحكاية المسيحية موجود في «حياة آدم وحواء»(67): «أجاب ابليس: آدم، ماذا تقول لي؟ بسببكَ أُخرجت أنا من هناك. فعندما جُبلتَ أنت، أُخرجتُ أنا من وجه الله وطردتُ من جماعة الملائكة. عندما نفخ الله فيك نَفَس الحياة وخلق وجهك ومثالك على صورة الله، جاء بك ميخائيل، وأمر أن يسجدوا لك أمام الله، فقال الرب الإله (تك 2: 4 وما بعد شَ ذـشظف
minus deus» = ) أنظر يا آدم، لقد خلقتك على صورتي ومثالي. فاقترب ميخائيل ودعا كل الملائكة، على النحو التالي: اسجدوا لمَثَل صورة الرب الإله، كما أمر الرب الإله! وسجد له أولاً ميخائيل ذاته، ثم دعاني قائلاً: اسجد لمَثَل صورة الإله. فأجبت: لست بحاجة لأن أسجد لآدم. ولأن ميخائيل دفعني كي أسجد، قلت له: لماذا تدفعني؟ سوف لن أسجد لمن هو أصغر مني وأقل شأناً. لقد خُلِقت قبله. فقبل أن يخلق، كنت أنا مخلوقاً. عليه هو أن يسجد لي. وعندما سمع الملائكة الآخرون الذين هم تحت سيطرتي هذا، لم يرغبوا بالسجود له. فقال ميخائيل: اسجد لصورة مثال الله! فإن لم تفعل ذلك، سيغضب الرب عليك. فقلت: إذا غضب علي، سأرفع مكانتي فوق نجوم السماء وسأكون مثل (الإله) العلي (قارن: اش (14: 14 وما بعد)). فغضب الرب الإله علي وطردني مع ملائكتي من عليائنا، وهكذا شُرِّدنا من مساكننا إلى هذا العالم وطردنا إلى الأرض. ثم سقطنا بعد برهة في الحزن لأننا خُلِعنا من مثل ذلك العلياء الكبير. وأحزننا أنه كان علينا أن نراك في مثل ذلك الفرح والسعادة. وبالحيلة أوقعنا زوجتك في شباكنا وجعلناك تُطْرد بسببها من فرحك وسعادتك مثلما طردتُ أنا من عليائي». قارن أيضاً: «مغارة الكنز»(68): «وحالما سمع الملائكة هذه الأصوات الإلهية، ركعوا على ركبهم وسجدوا له (آدم). وحالما رأى رئيس المنظومة التحتية، أي كِبَر أعطي لآدم، حسده في ذلك اليوم، فرفض السجود له، وقال لجماعته: لا تسجدوا له ولا تسبّحوه مع الملائكة! عليه هو أن يسجد لي، أنا الذي من نار وروح، وليس علي أنا، أن أسجد للتراب، للذي جُبل من حبة رمل واحدة. هذا ما قاله المستاء فعصى وانفصل بإرادته وحريته عن الله، فرمي واسقط، هو وكل جماعته؛ وفي اليوم السادس في الساعة الثانية حدث سقوطه من السماء. وأُخْلِع ثياب مجده، وصار اسمه: «ساطانا»، لأنه كان مارقاً (سِطا set)، و(«ë`»)، لأنه كان مُسقطاً (اشتدي ae+) و«ديفا» لأنه فَقَدَ لباس جاهه («أوبيد aubed»)». كذلك فالمندائيون يعرفون أيضاً هذه الحكاية(69): «جاء ملائكة النار واستسلموا لآدم. جاءوا وانحنوا له ولم يخالفوا قوله. وحده فقط، الشرير، الذي جُبل الشر منه، خالف كلام سيّده. فوضعه الرب(70) في قيد». إذن، الحكاية القرآنية تتوافق للغاية مع مثيلاتها في الأدب المسيحي.

الميثة التاسعة عشرة: وظيفة الشيطان

السورة (17: 62 ـ 65) (2مك): «قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا. قال إذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا. واسفزز...».

أنظر أيضاً: (7: 16 ـ 18) (3مك): «قال (الشيطان) فبما أغويتني لأقعدن لهم (البشر) صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين. قال اخرج منها مذموماً ومدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين». وفي (4: 119) (مد) يهدّد الشيطان بالقول: «لأمرنهم (عباد الله) فليبتكن آذان الأنعام». قارن أيضاً: (15: 39 ـ 43) (2مك)؛ (38: 82 ـ 85). وفي (14: 22) (3مك)، يسخر الشيطان من الملعونين بالقول: «إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم». قارن أيضاً: (36: 60 ـ 62) (2مك).

على ما يبدو فإن 1 مل (22: 21 ـ 22) يحكي عن دور لروح مضلّل . ويهودي هو التصوّر، الذي يرى أن الأفعى كان باستطاعتها أن تفعل الكثير لتدافع عن نفسها، لكن لم تقدم على ذلك؛ أنظر: سانهدرين (29: 10).

أما طلب الشيطان بتأجيل العقاب حتى يوم القيامة فيذكرنا برسالة بطرس الثانية(71)، (2: 4): [«فإذا كان الله لم يعف عن الملائكة الخاطئين، بل أهبطهم أسفل الجحيم وأسلمهم إلى أحابيل الظلمات حيث يُحفظون ليوم الدينونة»]. وكما يحكي القرآن عن انتقام الشيطان كذلك يحكي «أعمال أندرياس»(72): «إبليس الخالي من الحياء في كل الجوانب تماماً، سيسلّح أبناءه الخاطئين ضدهم، كي يتبعوه. ولكنه لن ينال ما يريد.. في بداية كل الأشياء.. يُجعل أيضاً العدو الشرير، الذي يعزف عن السلام، والذي إليه لا ينتمي، مُفسداً، لكن فقط لبعض الضعفاء، الذين لم ينالوا الوضوح الكامل». كذلك فإن «أعمال يوحنا»(73) تتحدث عن انتقام الشيطان. ويذكر افرام السرياني(74)، أن الشيطان حسد آدم مرة دون سبب غير سعادته ثم أغضبه أيضاً نجاح نسله. يسمى ابليس في متى (13: 25، 39) «عدواً»(75)، وفي رؤيا (12: 9) يسمّى «تنيناً» و«أفعى» و«شيطاناً»، وفي رؤيا (20: 10) يسمّى «مضلّلاً»، وفي يوحنا الأولى (3:
يسمّى «خاطئاً». ويصف اسحق الأنطاكي في شعره حول ابليس(76)، بطريقة واضحة تماماً، هدف الشيطان بأنه إيقاع الإنسان في شباكه، ثم يقدِّم وسيلة للهروب من تضليله. كما يذكر يعقوب السروجي(77) في شعره لتمجيد شمعون العامودي أيضاً، كيف يوظف الشيطان «جيشه» ويقدّم له الاستشارات، حتى يستطيع القيام بعمل التضليل. ويحكي اغسطينوس(78) عن الشياطين، «تلك الوسائل المزيفة والخادعة»، التي تريد حرف الناس عن طريق الله. قارن أيضاً:بابا بترا (15 ب):«ينزل (الشيطان) ويغرّر، يصعد ويثير الغضب الإلهي، يأخذ القوة كلّها ويأخذ النفس».

وهكذا، فالتصوّر المتعلّق بتهديد الشيطان بأنه يريد التغرير بالمؤمنين، وبقطع آذان الحيوانات، مرتبط على الأرجح بذكرى ظلالية من مت (26: 51): [«وإذا واحد من الذين مع يسوع قد مد يده إلى سيفه، فاستله وضرب خادم عظيم الكهنة، فقطع أذنه»]؛ مر (14: 47)؛ لو (22: 50)؛ يو (18: 10): . إذن، للحكاية القرآنية دون شك مثيل مسيحي. لكن الحقيقة أن اليهودية القديمة أيضاً تعزو للشيطان دوراً تضليلياً كذلك الذي يعزوه إليه القرآن. ففي «سفر اليوبيل» (15: 5 وما بعد؛ 19: 28؛ 48: 2؛ 9: 12) نجده رئيساً للأرواح الشريرة، مبدأ للشر في العالم، والمعارض للأحكام الإلهية. أما «العهود» فتجعل الشيطان (بليار) محاطاً بسبعة من رؤوساء الملائكة (عهد راوبين 2 ـ 3)، منه ومن الأرواح التابعة له يخرج كل الشر في الإنسان (عهد يهوذا 18)، والحيوانات المتوحشة هي وسائله (عهد نفتالي
. يسمّي تثنية راباه (11: 6) : «الملك سامائيل ضرب قائد كل الشياطين بسبب الخطيئة»] الشيطان. وهكذا يدلّ الاسمان القرآنيان «إبليس» و«شيطان» بوضوح على استعارة مسيحية، وإضافة إلى ذلك لم يعد يلعب الشيطان دوراً بارزاً في اليهودية المتأخرة. لكن «سفر اليوبيل» و«العهود» انتقلا إلى كشكول الأدب الديني المسيحي(79).


الميثة العشرون : خلق حواء

السورة (4: 1) (مد): «الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها». قارن: (7: 189)؛ (30: 21) (3مك)؛ (39: 6) (3مك)؛ (42: 11) (3مك): [«جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله(80)»].

من الغريب أن القرآن لم يذكر خلق حواء من ضلع آدم. وربما أراد أن يكون تعبيره عمومياً.

مع ذلك، ثمة حكاية واسعة الانتشار نشأت عند الإغريق(81)، تقول إن آدم خلق أصلاً بوجهين، ثم نُشر إلى قسمين، وهكذا وجِدَت حواء. ففيلو(82) يفصل بين الناس الذين خلقوا أولاً، الذين يتحدّث عنهم تك (1 وما بعد)، والإنسان الثاني، الذي يبدو كرجل وامرأة. والإنسان الأصلي يسمى «مثالاً»، «بدون جسد»، «روحانياً»، «لا مذكر ولا مؤنث». ويظهر لاويون راباه (14: بداية)، أن الرأي الإغريقي تغلّب على الحكاية الكتابية حول الخلق من الضلع: «يقول ريش لقيش: حالما خلقه (الله لآدم)، خلقه باثنين (
duo) من الوجوه (proswpon) ثم نشره وجعل منه ظهرين، واحد للقسم المذكّر وأخر للمؤنّث. فسئل (ريش لقيش): لكنه يقال: فأخذ إحدى أضلاعه (تك 2: 21). فأجابهم: التعبير يعني: من جانبه، كما يبرهن على ذلك (خر 26: 26 ـ 27) (حيث تستخدم [وـâ «ضلع»] بمعنى جانب)». قارن. عروبين 18آ؛ تكوين راباه 8: 1؛ تنحوما فايشيب؛ براخوت 16آ؛ مدراش تهليم للمزمور 139: 5.


الميثة الحادية والعشرون: الله يرمي على آدم التحريم

السورة (2: 25) (مد): «وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين». كذلك أيضاً (7: 19) (3مك). الآية القرآنية تفترض معرفة بتك (2: 16 ـ 17) [«وأمر الرب الإله الإنسان قائلاً: من جميع أشجار الجنة تأكل، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، فإنك يوم تأكل منها تموت موتاً»] و(3: 3): [«وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه كيلا تموتا»]. أما فردوس آدم فيسميه القرآن «الجنّة» = شزك (تك 2؛ 9؛ 10 الخ) ولم يسمها «جنات عدن»(83) قط.

الميثة الثانية والعشرون: طبيعة الشجرة المحرّمة

السورة (23: 19 ـ 20) (2مك): «فأنشأنا.. شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين». وفي (95: 1) (1مك) [«والتين والزيتون وطور سينين. وهذا البلد الأمين. لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»]، يقسم القرآن بالتين والزيتون وجبل سينين، إن الإنسان خلق في أحسن تكوين. أما السورة (24: 35) (مد)، فتصف شجرة الزيتون بتفاصيل أدق على أنها «شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولولم تمسسه نار نور على نور..».

في التصوّر القرآني تحتلّ الشجرة التي يخرج منها الزيت في سيناء مكانة خاصة. لكن القرآن على الأرجح لا يقصد نَبْت سيناء، بل موضع لحادث فوق طبيعي(84). عن شجرة الزيتون التي في الجنّة يتحدث «أخنوخ السلافي»(85): «وشجرة الحياة حيث في ذلك الموضع، يستريح الله... وبجانبها الشجرة الأخرى، شجرة الزيتون، يخرج من ثمرها دائماً الزيت السائل». في الدوائر المسيحية، يجعل «حياة آدم وحواء»(86) (9) الشهير آدم يقول: «.. اطلبوا من الله أن يرحمني، ويرسل ملاكه من الجنة ليعطيني من الشجرة، التي يسيل منها الزيت». قارن: المرجع ذاته (36؛ 13؛ و40 ـ 41). وفي موضع آخر، يسمى هذا الزيت: «زيت من شجرة رحمانيته»(87). أوّل ما يعطي هذا الزيت منافعه «في الأزمنة الأخيرة»(88). كذلك فإن «أعمال توما»(89) تمجّد أيضاً شجرة الزيتون، التي أُخِذ منها خشب الصليب، الذي مات يسوع عليه. يتحدّث «سفر عزرا الخامس»(90) عن شجرة الحياة(91)، التي يفوح منها «عبق مرهم المسيح»(92). إضافة إلى ثمار زيتون شجرة الحياة، التي كوّنت في الوقت ذاته مثال صليب المسيح، يعرف التصوّر المسيحي التين أيضاً. من ذلك مثلاً، ما قاله موسى باركيفا:


«censent ergo alli frumentum fuisse hanc arborem, atque ideo Christum quoque suum corpus in pane dedisse, ut qua re contractum esset debitum eadem et solveretur. Rursus alii vitem fuisse contendant... nec haec non vera esse putamus; frumentum enim seges, non arbor dicitur neque vitis. Igitur Philon. Mabugens et multi alii existimant ficum fuisse eam arborem... credibile enim est, simul atque de ea arbore edissent, pudore correptos ex eo, quod proxime ad manum erat, subligacula sibi comparavisse»

[«يعتقد آخرون أن هذه الشجرة كانت شجرة فاكهة، وبذلك فالمسيح أيضاً قدّم جسده كخبز وهكذا عن هذا الطريق يتم عقد اتفاقية ويتم الفداء. من ناحية أخرى يؤكد غيرهم أنها (الشجرة) كانت كرمة.. ونحن لا نعتقد أن هذا صحيح؛ لأنه يقال إن الثمار هي حبوب، ليست شجرة ولا كرمة. وهكذا يعتقد فيلو، مابوغينس وكثيرون غيرهم أن هذه الشجرة كانت تيناً.. ومن المعقول أنهما، حالما أكلا من هذه الشجرة وأحسّا بالخجل ـ أُفْسِدا بها ـ راحا يغطيان عورتيهما بما وصلت إليه أيديهما»].

لكن كما يحدّد القرآن موضع شجرتي التين والزيتون هاتين في سيناء، كذلك تماثل المسيحية بين موضع الفردوس الذي أقام فيه آدم، ومواضع أخرى معروفة في الكتاب المقدّس. وهكذا، ففي «مغارة الكنز»(93)، خُلِق آدم في مدينة القدس في المكان الذي صُلِب فيه المخلّص، وهناك أعطى الحيوانات أسماءها. هناك أيضاً(94)، عمل مليكصادق ككاهن، وتأهب ابراهيم(95) لتقديم اسحق قربانا، وصُلب يسوع، وهذا الموضع هو مركز العالم(96). وفي تفسير لحزقيال(97) يسمّي افرام السرياني القدس، «مركز دائرة الأرض». والشي ذاته يوضحه ايرونيموس وتيودورس(98). وفي حزقيال (5: 5): ظ
èصéـظف رêصع شزٌف «أورشليم في وسط الأمم»، القدس هي مركز الأرض. ويعطي «سفر اخنوخ»(99) وصفاً «لوسط الأرض»، يكون فيه جبل مقدّس. وقد قصد المؤلّف بذلك مدينة القدس، وبالتحديد جبل الهيكل. هنالك دفن آدم(100) . لكن «مغارة الكنز»، ص 146، أكثر وضوحاً: «وكان عمر اسحق 22 عاماً، عندما أخذه أبوه وصعد به إلى جبل يبوس عند مليكصادق، عبد الإله العلي؛ جبل يبوس هنا يعني جبال اموراي، وعلى هذه المنطقة أقيم صليب يسوع. وفي المكان ذاته نمت الشجرة التي حملت الحمل، الذي فدى اسحق. وهذا الموضع هو مركز الأرض ومكان قبر آدم ومذبح ملكيصادق والجلجلة وجبل الصليب وغباتا. وهناك رأى داود الملاك، الذي كان يحمل في يده السيف الناري. وهناك قدّم ابراهيم ابنه اسحق قربان محرقة، ورأى (ابراهيم) المسيا والصليب وخلاص سيدنا آدم». أما «سفر اليوبيل»، الذي كان معروفاً بين المسيحيين الأحباش بترجمته الأثيوبية (أنظر مقدمته عند كاوتش Kautzsch)، والذي لم يكن له دور بين اليهود زمن محمد، فيعرف(101) ثلاثة أماكن مقدّسة: جنّة عدن، جبل سيناء، وجبل صهيون، والأخير ينظر إليه على أنه «مركز سرّة الأرض». لكن في الفصل الرابع(102)، توجد أربعة أماكن، معظّمة في عين الله: عدن، جبل المشرق (قارن: تك 2: 8: [«غرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً»]، وهو الجبل الذي اقام فيه أخنوخ، سيناء، وصهيون. وفي الفصل الثامن عشر في الكتاب ذاته(103)، يماثل صهيون مع موريا. وفي زمن لاحق يوضّح أن هذه الأماكن كلها تبدو، على الأرجح، لأنها مواضع مقدسة على نحو خاص، وكأنها مكان واحد.

يبدو مما سبق أن الجمل القرآنية تحكي عن شجرة الجنة، حسبما يصفها الأدب المسيحي. ونفهم بالتالي أيضاً، أن القرآن يحلف بهذا المكان، لأنه يعرف أن لا مثيل له. وباسترجاعه المبهم غالباً لما سمع، كان باستطاعته أن يقوم بمماثلة هذا المكان، ذاتياً، مع سيناء، التي نعرف أن تقليد «أهل الكتاب» ربط بها أحداثاً هامة(104). التصوّر اليهودي عن شجرة الجنة ـ المرتبط كثيراً بمقابله المسيحي ـ هو من نوعية أقل توحداً في آرائها. فعند ح. مئير (براخوت 40آ)، كانت كرمة، وعند ح. نحميا شجرة تين، وعند ح. يهودا قمحاً (المصدر ذاته). لكن مئير نفسه يوضح في موضع آخر أن ثمار هذه الشجرة هي القمح، ويرى يهودا بن ايلاي أنها عنب، أما أبا بن أكو فيراها الأترج، ويوسي التين(105) . يقول المقطع الأخير من تكوين راباه (15) : قش شظ
êش ذصêش شêذàش؟ èَ ظشصéصâ...ذقè: رèê ذـظêذ ـâصـذ: «ماذا كان بهذه التينة؟... ح يهوشوا.. قال: النائحة (تسمّى)؛ لأنها جلبت النواح إلى العالم». أما «تنحوما قوداشيم» فتسمّي جبل الهيكل «مركز العالم»: ذèه ظéèذـ ظصéرê رذقوâظêص éـ âصـف، ٌèéـظف رêرذقوâظê éـ ذèه ظéèذـ، صرظê شقçسé رذقوâ ظèéـظف، صششظغـ رذقوâ رظê شقçسé: «تقع أرض إسرائيل [ فلسطين ] في‏وسط العالم ‏والقدس في ‏وسط أرض إسرائيل [ فلسطين ] ‏والهيكل ‏في ‏وسط القدس الخ»(106). وربما زرع سليمان الشجر هناك: (المرجع ذاته) : àطâ رشف غـ قظàظ ذظـàصê: [«زرع فيها كل أنواع الشجر»] (المرجع ذاته). لكن موريا يوصف أحياناً بأنه أهم مكان في العالم (تكوين راباه 55: 9). فمنه خرجت الوصايا العشر، فهو بالتالي ذêè قèصêذ سâـقذ :«المكان الذي يخرج منه حكم العالم». وفي الترغوم الأورشليمي للتكوين (8: 11)، وفي تكوين راباه (33: 9) جلبت الحمامة التي أرسلها نوح ورقة زيتون من جبل الزيتون قك طصè قé×ذ. وفي ترغوم نشيد الانشاد (8: 15) يجعل في موازاة سيناء(107) كمكان للقيامة. وفي «تكوين راباه» (14: 9) «خلق آدم من موضع كفارته»، أي، من تراب جبل الهيكل(108). لكن ثمة رأياً آخر، نجده في «يوما» (54 ب)، يعارض هذا الرأي.

يعرف الأدب المسيحي أيضاً أن الكرمة هي فاكهة الجنة. قارن: «سفر باروخ السلافي»(109) و«اخنوخ»(110) (32: 4). يعرف افرام السرياني(111) أيضاً، أن حمامة نوح جاءت بثلاث أوراق زيتون من جبل الهيكل، وهكذا على ما يبدو، فإن التصوّر المسيحي عن شجرة الجنة هو أقرب إلى التصوّر القرآني من مثيله اليهودي الذي كان موضع نقاش المشرّعين اليهود(112).




الميثة الثالثة والعشرون: عهد الله مع آدم

السورة (20: 114) (2مك): «ولقد عهدنا(113) إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً».

تصف الهاغاداه أيضاً علاقة الله مع آدم على أنها عهد. وكما تعدّى اسرائيل عهده مع الله (اي لم يحفظ شريعته) كذلك آدم أيضاً (سانهدرين 38ب)؛ تكوين راباه (24: 6)؛ وبهذا المعنى تفسّر (سانهدرين 38ب) «هوشع» (6: 7): [«أما هم فمثل آدم نقضوا عهدي»] بأوضح ما يمكن(114). وفي «مدينة الله» (16: 27)، يتحدث اغسطينوس أيضاً، عن عهد الله مع آدم: «
testamentum autem primum, quod factum est ad hominem primum...» [«لكن العهد الأول، الذي أعطي للإنسان الأول...»].

إذن، فالتصور القرآني يتقاطع مع مثيله عند اليهود أو المسيحيين


نبيل فياض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة الخلق والعائله الاولى نبيل فياض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى زهر البيلسان  :: القسم الثقافي :: مواضيع ثقافية-
انتقل الى: